Skip to main content

الإستبداد السياسي يعطي التطرف كل مقومات وجوده .. بقلم: د. حنا عيسى


《 الإستبداد السياسي يعطي التطرف كل مقومات وجوده 》
>> بقلم: د. حنا عيسى
(التطرف الديني هو ثمرة الهزائم السياسية والعسكرية التي عرفها العرب منذ نكسة 1967، وأن فشل المشروع القومي أتاح المجال للحركات الإسلامية العنفية بطرفيها السياسي والجهادي كي تحتل الساحات والعقول)
قال الدكتور حنا عيسى، الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، "ان التفريق بين الإرهاب والتطرف مسألة شائكة، فالتطرف والإرهاب وجهين لعملة واحدة، ولكن التفرقة ضرورية، ويمكن رسم أوجه الاختلاف بينهما من خلال عدة نقاط، أهمها هي أن التطرف يرتبط بالفكر، أما الإرهاب يرتبط بالفعل، والتطرف يرتبط بمعتقدات وأفكار بعيدة عما هو معتاد ومتعارف عليه سياسيا واجتماعيا ودينيا دون أن ترتبط تلك المعتقدات والأفكار بسلوكيات مادية عنيفة في مواجهة المجتمع أو الدولة".
وأوضح الدكتور عيسى، "التطرف لا يعاقب عليه القانون ولا يعتبر جريمة، بينما الإرهاب هو جريمة يعاقب عليها القانون، فالتطرف هو حركة اتجاه القاعدة الإجتماعية والقانونية ومن ثم يصعب تجريمه، فتطرف الفكر لا يعاقب عليه القانون بإعتبار هذا الأخير لا يعاقب على النوايا والأفكار، في حين أن السلوك الإرهابي المجرم هو حركة عكس القاعدة القانونية ومن ثم يتم تجريمه".
وأضاف، "يختلف التطرف عن الإرهاب من خلال طرق معالجته فالتطرف في الفكر، تكون وسيلة علاجه هي الفكر والحوار، أما إذا تحول التطرف إلى تصادم فهو يخرج عن حدود الفكر إلى نطاق الجريمة مما يستلزم تغيير مدخل المعاملة وأسلوبها".
واستطرد، "يختلف التطرف عن الإرهاب أيضا من خلال طرق معالجته فالتطرف في الفكر، تكون وسيلة علاجه هي الفكر والحوار أما إذا تحول التطرف إلى تصادم فهو يخرج عن حدود الفكر إلى نطاق الجريمة مما يستلزم تغيير مدخل المعاملة وأسلوبها".
وقال أمين عام الهيئة، "ان أسباب مشكلة التطرف والارهاب اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية وفكرية وايديولوجية، فاعداد كبيرة من شباب العرب والمسلمين هم فقراء عاطلون عن العمل يعيشون في فراغ كبير ولا تتاح لهم اي فرص للمساهمة في معالجة مشاكل الخدمات والمرافق العامة المحلية المحيطة بهم، ويتعرضون بنفس الوقت لخطاب ديني متطرف ولثقافة ترفض التسامح فيجدون انفسهم في حالة تدفعهم دفعا نحو التطرف والعنف".
وأشار، "من أسبابه ايضاً التعليم والتنشئة الاجتماعية على ثقافة الاستعلاء ورفض الآخر والتسفيه منه وتراجع التفكير النقدي وانتفاء ثقافة المشاركة، وكذلك للخطابات الدينية المتعصبة التي تستند إلى تأويلات وتفسيرات خاطئة، تجانب الفهم الصحيح للإسلام ومجافية لروح الأديان كلها من الحفاظ على القيم الروحية النبيلة التي تعتمد على المحبة والرحمة والتسامح، وتنبذ التعصب والكراهية".
واستطرد، "يضاف الى ذلك ثلاثية الفقر والأمية والجهل التي تدفع الشخص إلى الإنسياق وراء خطاب ديني مشوّه وفتاوى وتأويلات مغلوطة، وآراء ضيقة الأفق، ومناخ معاد لثقافة الاختلاف، وفي أحيان كثيرة تكون (المرأة) في مقدمة ضحايا التطرف نتيجة لتعثر مسيرة التنمية الثقافية والإجتماعية في المجتمعات العربية".
ونوه عيسى، "التطرف تعبير يستعمل لوصف أفكار أو أعمال ينظر إليها من قبل مطلقي هذا التعبير بأنها غير مبررة، من ناحية الأفكار، ويستعمل هذا التعبير لوصم الأيديولوجية السياسية التي تعتبر بعيدة عن التوجه السياسي للمجتمع".
وأضاف عيسى، "من ناحية الأعمال، يستعمل هذا التعبير في أغلب الأحيان لوصم المنهجيات العنيفة المستعملة في محاولة تغير سياسية أو اجتماعية، وقد يعني التعبير استعمال وسائل غير مقبولة من المجتمع مثل التخريب أو العنف للترويج لجدول أعمال معين".
وأوضح، "تتعدد خصائص التطرف لتشمل كل تصرف يخرج عن حد الاعتدال وذلك في كافة صور السلوك ومنها تعصب المتطرفين لرأي بحيث لا يتم السماح للآخرين بمجرد إبداء الرأي، أي الإيمان الراسخ بأنهم على صواب والآخرين في ضلال عن الحقيقة، لأنهم وحدهم على حق والآخرون في متاهات وضلالات".
وأشار أمين نصرة القدس، "هناك بعض من العقائد التي تصنف بأنها متطرفة وهي النازية والفاشية وحملات التكفير الإسلامية والحملات الصليبية والتفرقة بين الشخص الابيض والملون".
أشار الدكتور حنا الى المفكر المصري فؤاد زكريا الذ ي يلخص في كتابه (الصحوة الإسلامية في ميزان العقل) الروابط بين الاستبداد والتطرف قائلاً: (لو شئت أن ألخص العلاقة بين الفكر الديني المتطرف من جهة وبين الديموقراطية والاستبداد السياسي من جهة أخرى، لقلت إن الديموقراطية لا تحارب هذا الفكر المتطرف، وإنما تزيل أسباب وجوده، فالتطرف الديني لا يضطهد في النظام الديموقراطي، بل إنه -بساطة- لا يجد التربة الصالحة لظهوره.
أما الاستبداد السياسي فإنه يعطي التطرف كل مقومات وجوده، ويهيئ له المناخ الذي يسمح له بالازدهار، لكنه سرعان ما يقمعه بعنف إذا تجاوز حدوداً معينة، وهو لا بد أن يتجاوز هذه الحدود، لأن التطرف لا يمكن حصره أو رسم - خط أحمر- لا يصح له أن يتعداه.
وهكذا فإن الاستبداد يدخل مع التطرف في علاقة شديدة التعقيد: إذ إنه ينفعه ويضره في آن معاً، وينعشه ثم يخنقه في حركة جدلية مأسوية لا مفر منها. ومع ذلك، فإنك لو سألت التطرف الديني، أيهما عدوك الأول؟ الحاكم المستبد الذي يفتح لك الأبواب ثم يقمعك!، أو الحاكم الديموقراطي الذي لا يضطهدك؟، ولكنه لا يعطيك فرصة الظهور!، كان جوابه، الذي أثبتته أحداث التاريخ، هو أن الأخير هو العدو الحقيقي.
 ونوه عيسى، "التطرف الديني هو ثمرة الهزائم السياسية والعسكرية التي عرفها العرب منذ نكسة 1967، وأن فشل المشروع القومي أتاح المجال للحركات الإسلامية العنفية بطرفيها السياسي والجهادي كي تحتل الساحات والعقول".
ولفت، "يزيد الشعور بالقهر نتيجة المعايير المزدوجة في العلاقات الدولية تجاه قضايا العرب والمسلمين، والتي يأتي في مقدمتها استمرار القضية الفلسطينية واحتلال الأراضي العربية والاندفاع نحو الحلول المتطرفة خاصة في ظل تنامي دور قوى فاعلة، سواء كانت دولا وجماعات في إذكاء التطرف".

Comments

Popular posts from this blog

اسقاط دعوى تعويضات ضد السلطة بقيمة "900" مليون دولار

اسقاط دعوى تعويضات ضد السلطة بقيمة "900" مليون دولار عبر وزير المالية والتخطيط، شكري بشارة، اليوم الأربعاء، عن إرتياحه لقرار المحكمة الفيديرالية في واشنطن بإسقاط دعوى إضافية قائمة منذ 4 سنوات على السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية والمعروفة بإسم (شاتسكي).وتعتبر قضية "شاتسكي" أحدى القضايا المرفوعة ضد السلطة والمنظمة في المحاكم الأمريكية من قبل مجموعات يمينية تحاول الحصول على تعويضات مالية متهمة السلطة والمنظمة بالمسؤولية عن عمليات قُتِل وجُرِح من خلالها مواطنين يحملون الجنسية الأمريكية والإسرائيلية. حيث طالب المدعين في قضية "شاتسكي" بتعويضات مالية وصلت لحوالي ٩٠٠ مليون دولار أمريكي.وأكد بشارة ان قرار المحكمة بإسقاط هذه الدعوى هو نتيجة الجهود التي تقوم بها السلطة وعلى رأسها فخامة الرئيس محمود عباس وطواقم وزارة المالية والتخطيط وطاقم مكتب المحاماة الذي اعتمد منذ عامين من قبل وزارة المالية. وقال بشارة "هذا يعتبر إنجاز جديد يسجل للقيادة الفلسطينية، حيث نجحنا في الفترة السابقة برد ما مجموعه خمس دعاوى مقامة ضدنا تطالب بتعويضات مالية هائلة...

صدور الديوان الثاني " سكوت " للشاعر: زيد الطهراوي

صدور الديوان الثاني " سكوت " للشاعر: زيد الطهراوي   الأردن - ضفاف البيسان   صدر في الأردن مؤخرا ديوان " سكوت " للشاعر زيد الطهراوي والذي ضم بين جناحيه 47 قصيدة تنوعت ما بين العمودي والتفعيلة؛ من الجدير ذكره أن هذا هو الديوان الثاني للشاعر بعد ديوان " هتاف انفاس "  قبل نحو عامين؛ والذي يشابه الديوان الجديد من ناحية البنية اللغوية القوية , والقصائد الدينية والاجتماعية والسياسية وقليل من الغزل.

مركبة عسكرية اسرائيلية غير مأهولة على حدود غزة

مركبة عسكرية اسرائيلية غير مأهولة على حدود غزة تمكنت ما تُسمى بوحدة "شغف" العسكرية "الإسرائيلية"، من إدخال سيارة عسكرية غير مأهولة، إلى الخدمة الإسرائيلية لمراقبة الحدود الشرقية لقطاع غزة.ووفقاً لموقع جيش الاحتلال اليوم الأحد، فإن السيارة العسكرية يتم التحكم بها عن بعد ومن المنتظر أن تحل مكان الجنود اللذين يقومون الان بأعمال الدورية على طول حدود غزة. وقال الرائد "افيداب غلتشتاين" قائد وحدة "شغف": يمكن للسيارة التجول في المنطقة وجمع المعلومات وجمع ادلة وأغراض ملقاة غير عادية، وكل هذا تقوم به مجندة جالسة في غرفة العمليات الحربية تمسك بيدها مقود التوجيه الذي تتحكم من خلالها بهذه المركبة التي يمكنها ايضا الحلول مكان الجنود في الدوريات القريبة من خط الحدود مع غزة". وأشار موقع جيش الاحتلال إلى أن اختراعا جديدا سيدخل قريبا الخدمة في الوحدة "شغف" وسيحسن من مستوى ادائها ويتمثل بتزويد السيارة غير المأهولة بنظام تسليح متطور جدا يمكن تشغيله عن بعد من قبل جنود غرفة العمليات، يضاف الى مجموعة كاميرات متطورة ومنظومة للتحذير تسمح للسيارة بتحديد مكا...